2012/03/02

مبادرة حسان: من ولمن؟

الحدث, 2-3-2012

السيد الأستاذ المستشار / رئيس هيئة قضايا الدولة
تحية طيبة وبعد
مقدمه لسيادتكم / عصام عبد الوهاب عبد الوهاب الطوبجى
عضو الهيئة بقسم جزئيات جنوب القاهرة
ورد لنا كتاب سيادتكم المؤرخ 20/2/2012 , والمسلم لشخصي بتاريخ 27/2/2012 , الذي تدعو سيادتكم فيه أعضاء هيئة قضايا الدولة الى التبرع بمبلغ من رواتبهم فى إطار مبادرة صندوق العزة والكرامة برئاسة شيخ الأزهر , بغرض التصدي للهيمنة الأمريكية ومعونتها المذلة للإرادة المصرية .
وحيث خيرتمونا سيادتكم ما بين القبول والرفض , حتى لا نجبر على دفع مال بغير رضا نفس , وهو ما يوافق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم " لا يحل مال امرىء مسلم بغير طيب نفس منه " مسند أحمد .
وحيث أننى أتفهم دوافع سيادتكم الوطنية التى تقف وراء هذا الخطاب , لمعرفتى الشخصية بسيادتكم وحضورى أكثر من موقف أثبت هذه الوطنية , إلا أننى ارفض المشاركة فى هذه المبادرة لفقدانها الأسس القويمة التى من المفترض أن تقوم عليها , وكذا إنحراف من بادر بها عن جادة الحق .
وأذكر لسيادتكم قصة قائد مصر فى زمن الغزو التترى " القائد قطز " مع الامام " العز بن عبد السلام " , حين حاول قطز فرض أمر مماثل على المصريين لتجهيز الجيش لمواجهة التتار , إلا أن الشيخ العظيم والإمام الرائع رفض فعله , وكانت قولته أن الشعب يُلزم بالمساندة فى تجهيز الجيش بعد أن بفرغ المماليك من بيع ما يملكون من أموال وأراض وإماء وعبيد ولا يتبق لهم سوى دروعهم وزوجاتهم , فإن إحتاج الجيش بعد ذلك للمال يتم جمعه من الشعب .
هكذا علّمنا شيوخنا وقادتنا , وكان النصر حليفهم لأنهم اعلوا راية الحق ولم يخافوا فى قول الحق لومة لائم .إن المبادرون بجمع التبرعات من الشعب نسوا أن يطالبوا كبار القادة فى الدولة المصرية بالتبرع بما إكتسبوه من مواقعهم من مال وعقار قبل أن يطالبوا الشعب بالتبرع .فضلا عن أن التبرع إذا أسميناه " تبرعا " لا يكون فى صيغة توجيه لموظفى الدولة تحمل فى غالب المصالح صيغة الاجبار لا الإختيار .إن المبادرون لم يطالبوا باسترداد أموالنا المنهوبة فى الخارج , ولم يحملوا الجالسون فى سدة الحكم أى ذنب فى التأحير فى اتخاذ الاجراءات ضد الفاسدين , ولم يصارحوهم بتواطؤهم على مصلحة البلاد والعباد بالسماح بخروج أموال المصريين عقب الثورة بشكل فجّ.
فضلا عن أن الطرف الامريكى لم يعرض قطع المعونة التى ترتبط حتميا باتفاقية كامب ديفيد , والتى يعلم القاصى والدانى مدى خطورتها على أمن اسرائيل فى حال اتخذت هذه الخطوة .
إن المبادرون لم يحملوا المجلس العسكرى مسئولية الانفلات الامنى الذى أدى لهروب الاستثمارات , وكذا بطء القرار السياسى الذى أدى لتعطل عجلة الانتاج .
إن المبادرون لم يقفوا وقفة رجل واحد فى مواجهة الطائفية , والظلم , والعنت الذى تفشى فى كل مكان فى مصر , واستغلوا منابرهم لتفريق الشمل لا لجمعه .
إن مثل هذه المبادرة يعيد لأذهاننا مبادرة " تسديد ديون مصر " التى ذهبت أموالها أدراج الرياح , وأعفيت مصر من نصف ديونها الدولية نتيجة مشاركة مذلة فى حرب الخليج الثانية , ما زال بعض الخليجيون يعيّروننا بها .إن آخر ما أستطيع قوله لسيادتكم , أننا فى بلد قامت فيه ثورة على جثث شهداء من خيرة أبناء مصر , كانت ثورة ضد الظلم والظغيان , وكانت ثورة ضد الفساد والرشوة والمحسوبية والوساطة , وكانت ثورة ضد أكل أموال الناس بالباطل , وكانت ثورة ضد تفشى النفاق والرياء وغياب الحق والعدل عن الساحة المصرية .
إن كلمة الحق يجب أن تقال فى هذا الوقت فى كل ركن من أركان هذا الوطن الحبيب , من كل مخلص لترابه , ومن كل معتز برايته , وإن نشر الوعى بقينة قول الحق هو الملاذ الأخير لنا فى ظل تضاعف الفساد , وإجهاض الثورة , وتكالب الجميع على الكراسى فى ظل تدهور أحوال البلاد والعباد , والحاجة الى التوافق على بناء الوطن لا هدمه ولو عن غير قصد .
حفظ الله مصر وحفظ شعبها , والله من وراء القصد هو نعم المولى ونعم النصير.
بناء عليه؛ أرفض التبرع بأى جزء من راتبى فى إطار مبادرة العزة والكرامة إلا بعد أن يتبرع قادة الدولة فى المجلس العسكرى والبرلمان وكافة الوزارات والأجهزة والهيئات بكل ما يملكون من أجل عزة وكرامة مصر .
وأدعو سيادتكم لرفض هذه المبادرة كليا .

التوقيع: عصام عبد الوهاب الطوبجى

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لك